الصفحة الرئسية / المدوّنة / الذكاء الاصطناعي يدعم نجاح التجارة الإلكترونية
15 Jul 2021

الذكاء الاصطناعي يدعم نجاح التجارة الإلكترونية

يتمثل الهدف الأساسي لمحللي بيانات التجارة الإلكترونية في امتلاك القدرة على التوقع المستقبلي لما قد تكون عليه سلوك المستهلكين عبر الإنترنت، ما يدعم بالتالي إمكانية توقع متطلبات السوق عموماً.

وسيُتاح للراغبين بلوغ هذا الهدف بعيد المنال إدارة تدفقات المخزون بشكل دقيق، وتحسين الخدمات اللوجستية، ومراقبة سلوكيات التسوق على المواقع الإلكترونية، وتتبع المتغيرات مثل ظروف الطقس واتجاهات المستهلكين التي قد تؤثر على مستقبل قطاع التسوق عبر الإنترنت.

كما يوفر ذلك للعملاء تجربة تسوق رفيعة المستوى، تُساهم في تعزيز ولائهم وتقليل معدل توجه المستخدمين إلى مواقع إلكترونية أخرى، ما يضمن بنهاية المطاف زيادة إيرادات المبيعات.

إلا أنكم قد تتساءلون فعلياً حول إمكانية تحقيق ذلك الهدف، وستكون الإجابة حينها "نعم" يُمكن ذلك مع توفّر بعض المساعدة من تقنيات التسوق الرقمي ومفاهيم الذكاء الاصطناعي.

حسناً لنُناقش الموضوع بالتفصيل؛ فإذا أرادت أي شركة الاعتماد على فريقٍ كبير من ألمع المحللين، فإن تقنيات الذكاء الاصطناعي ستتفوق عليهم دائماً بخطوات عديدة، من حيث الدقة والسرعة والموثوقية في تحليل البيانات.

وبصراحة، نعتقد أن اتباع أحدث التوجهات ودمج استراتيجيات الذكاء الاصطناعي في العمليات يُمثل السبيل الوحيد لتمكين شركات التجارة الإلكترونية من مواكبة المشهد الرقمي المتغير باستمرار.

المستقبل الذكي لتجارب التسوق الإلكتروني

تتوقع دراسة أجرتها شركة غارتنر للأبحاث بأن 75% من شركات التجارة الإلكترونية ستعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي بحلول عام 2024. وعند التفكير في الأمر ملياً، سنجد بأن 75% من جميع الشركات ستعتمد في عملياتها على منظومة واحدة أو أكثر من المنظومات القائمة على الذكاء الاصطناعي خلال ثلاث سنوات فقط. وستواصل 25% فقط من الشركات الاعتماد بشكلٍ حصري على القدرات البشرية.

وتشتمل هذه التقنيات الذكية بحسب الباحثين على ما يلي:

1. روبوتات الدردشة

كشفت دراسة بحثية بأن 65% من أبناء جيل الألفية يُفضلون تبادل الدردشة مع روبوت عوضاً عن التواصل البشري الفعلي، ما يؤكد بوضوح أن مشهد التسوق الإلكتروني قد تغير إلى الأبد.

تعتبر هذه المعلومة إيجابية للغاية بالنسبة لمتاجر التجزئة لأن الروبوتات تتفوق على البشر بمزاياها التالية:

  • يُمكن لروبوتات الدردشة العمل على مدار الساعة دون تعب، وبصرف النظر عن ظروف الطقس
  • لا تحتاج تلك الروبوتات للإجازات أو التأمين الطبي كما أنها لا تتأثر بحالات المرض
  • يمكن برمجتها لتقديم التوصيات والخدمات
  • يُمكنها التعامل مع استفسارات عديدة في نفس الوقت
  • يُمكنها التعلم واكتساب مزيد من الذكاء من خلال كل عملية تفاعل مع العملاء.

2. خاصية البحث الصوتي

لا يزال استخدام هذه التقنية محدوداً بشكلٍ عام، ولكن يحرص مزيد من المستهلكين أثناء عمليات الشراء عن طريق الإنترنت على الاستعانة بتطبيقات البحث الصوتي مثل ميزة Google Voice Search، وCortana وSiri وAmazon Echo.

تُظهر إحدى الدراسات بأن أكثر من نصف مستخدمي الهواتف الذكية يعتمدون على تقنية البحث الصوتي، وبأن الإنفاق على حلول البحث الصوتي سيصل إلى 40 مليار دولار بحلول عام 2022 في الولايات المتحدة لوحدها.

3. توقع مستويات العملاء غير المتفاعلين

تعد عملية توقع مستويات العملاء غير المتفاعلين من الحالات التي تتفوق في تقنيات الذكاء الاصطناعي على الذكاء البشري. ومن خلال تحليل كيفية استخدام العملاء للخدمات، ستتمكن تقنيات تعلم الآلة في اكتشاف أي عميلٍ قام بإلغاء اشتراكه أو قرر مُغادرة منصة التسوق الإلكترونية.

وسيعتمد قسم خدمة العملاء على هذه المعلومات أثناء محاولته لاجتذاب العُملاء المترددين وتشجيعهم على التفاعل مُجدداً. ويُعتبر الاحتفاظ بالعملاء الحاليين بالنسبة لأي شركة أقل تكلفة مُقارنة باستقطاب العملاء الجدد.

4. تجارب التسوق المُخصصة

من المنطقي أن تحرص الشركات على إثراء تجارب التسوّق، خاصة حينما يُدرك العملاء والمُستخدمون بأنهم يحصلون دوماً على مُعاملة مناسبة من تلك الشركات حتى عن طريق الإنترنت.

وأظهر استبيان لشركة إيبسيلون بأن 80% من العملاء سيميلون للتسوق من الشركات التي تحرص على منحهم تجارب تسوق مُخصصة.

وهنا تتجلى بوضوح أهمية تقنيات الذكاء الاصطناعي، إذ أن تفعيل مُشاركة العملاء في كل مرحلة من التجربة يُساعد في رصد أنماط وسلوكيات التسوق، بل والاستفادة من المعلومات بشكل أفضل. ويسمح ذلك لشركات التجارة الإلكترونية بتوجيه إنفاقها على الإعلانات والترويج للمنتجات بطريقة أكثر دقة.

وتُبدي شركات التجارة الإلكترونية رغبة مُتزايدة بتقديم خدمات "التوصية" باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي. وحينما يختار العميل سلعة لشرائها، سيقوم مُحرك عرض التوصيات باقتراح مُنتجات مماثلة بناءً على سجل التسوق الخاص بالعميل، والسلع الموجودة في عربة التسوق. وغالباً ما تكون هذه التلميحات مُغرية للغاية، ويترافق ذلك مع إضافة السلع الموصى بها إلى عربة التسوق إلى جانب المختارة سابقاً.

الأفضل في فئتها: خوارزميات Netflix القائمة على الذكاء الاصطناعي

تمثل خدمة البث المباشر من شبكة Netflix إحدى أكثر مُحركات تعلم الآلة نجاحاً، وتُعرف باسم محرك التوصيات(NRE) من Netflix . وتعتمد هذه الخدمة على خوارزميات تقوم بفرز المحتوى وتصنيفه بحسب تفضيلات وملفات تعريف المستخدمين.

ويعمل محرك التوصيات NRE من Netflix بطريقة دقيقة للغاية لدرجة أن توصياته الشخصية تحظى بمتابعة المشاهدين بنسبة 80%، بفضل قدرته على فرز وتصنيف أكثر من 3000 عنوان في وقت واحد بناءً على تفضيلات المستخدم.

إلى جانب ذلك، فإن البيانات المستخلصة من محرك التوصيات تتيح لشبكة Netflix تحديد المسار الأمثل لتوجيه الموارد، خاصة وأن الشبكة تسعى لتوسيع ما تنتجه من "محتوى أصلي"، والذي يضم حالياً أكثر من 13,600 عنوان. بمعنى آخر، يساعد ذلك على منح مُدراء الشركة فكرة أوضح عن العائد المُحتمل على الاستثمار في فئات وأنواع المحتوى المتنافسة.

كيف تُساعد تقنيات الذكاء الاصطناعي على تحويل سلسلة التوريد والخدمات اللوجستية

تُظهر الإحصائيات بأن مُدراء المستودعات سيصلون لمرحلةٍ سيكون لزاماً عليهم فيها الاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي خاصة حينما يتعلق الأمر بالتحكم في المخزون. وقد شهدنا الاعتماد على الابتكارات التكنولوجية التالية بشكلٍ موسع في مراكز خدمات التوصيل وتلبية طلبيات التجارة الإلكترونية كجزء من عملية تحسين آلية العمل القائمة على مفاهيم تعلّم الآلة.

تعلم الآلة

يمكن لهذا النوع من تقنيات الذكاء الاصطناعي المُطبقة في سلسلة الإمداد مُعالجة كمية هائلة من البيانات التي يتم جمعها في المستودعات، وتحديد أنماط الطلبات والمخزون. وتسمح تلك المعلومات للمُدراء بتقييم العناصر والسلع التي يتم بيعها والتي تحتاج بالتالي لإعادة تجديد مخزونها. كما تضمن المعلومات توقع طلب العميل بناءً على الطلبات وعمليات إرجاع المُنتجات، إضافة إلى تقدير احتمالية تأخيرات الشحنات وطول مُدتها، ما يساعد بنهاية المطاف على تحسين خدمة العملاء.

تقنية الرصد الصوتي

تمثل تكنولوجيا الرصد الصوتي إحدى الأساليب المُتبعة في عمليات إدارة المستودعات، وتسهم أحدث التطورات التقنية جديدة في تحسين معدل الرصد الصوتي والدقة عبر دمج خاصية التعرف على الصوت.

ويتم في إطار هذه العملية تزويد الموظفين المعنيين بسماعات رأس وميكروفون مُتصل بنظام إدارة المستودعات.

ويعمل النظام على توجيه عامل المستودع إلى موقع السلع ويساعده على تحديد السلعة التي يجب اختيارها. ويقوم العامل باختيار السلعة ثم يقرأ رقم السلعة والكمية، الذي يتم تسجيلهما في النظام المركزي. ويُفيد مستخدمو هذه التقنية بأنها تضمن تقليص الأخطاء بنسبة تصل إلى 90% أثناء عملية اختيار السلع.

الروبوتات المعرفية

لطالما كانت الروبوتات جزءاً من أنظمة عمل المستودعات لعقود من الزمن، ولكن التطورات الجديدة لتقنيات الذكاء الاصطناعي مهدت لظهور ما نُطلق عليه اليوم اسم الروبوتات المعرفية.

وباستطاعة هذه الآلات الذكية تغيير طريقة التخزين وأوامر الاختيار والتحميل داخل المستودعات، وكذلك اكتشاف حالات الخلل، وضمان أعلى مستويات الجودة من خلال المراقبة بالصور ومقاطع الفيديو، فضلاً عن دورها في استخراج معلومات حول حجم السلع ووزنها من خلال ما يظهر في الصور.

النقل / التوصيل

يمكن لمُدراء خدمات النقل تحسين تخطيط مسارات وعملية النقل بالاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي التي تأخذ بالاعتبار البيانات السابقة والفعلية، وظروف الطقس وحركة المرور، وأوقات الانتظار المتوقعة، وسلوكيات السائقين، وحالات التوقف لغرض الصيانة، واحتياطات السلامة. كما تساعد العملية المطورة لتخطيط مسارات النقل على تقصير أوقات التوصيل وتوفير الموارد وبالطبع خفض التكاليف بنهاية المطاف.

الاستخدام الذكي لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي

قد يُمثل الاستثمار في تقنيات الذكاء الاصطناعي خطوة بعيدة عن مُتناول الشركات الصغيرة والمتوسطة، ولكن يُبدي العديد من مزودي الخدمات اللوجستية المستقلين اهتماماً بالتخصص في هذا المجال، ما يعني بأنه لا يوجد أي سبب يحول دون استفادة تلك الشركات من تقنيات الذكاء الاصطناعي. ويمكن للشركات الكبيرة والصغيرة الاستفادة اليوم من التقنيات المرتبطة بالتجارة الإلكترونية والخدمات اللوجستية، وخاصة تلك التي توجّه سلوكيات العملاء وتتنبأ بها.

مما لا شك فيه أن مستقبل تقنيات الذكاء الاصطناعي لن يتمثل بروبوتات ذات وجه غامضٍ ويمكنها رفع الأحمال الثقيلة واجتذاب العملاء بصوت متقن وإجراء عمليات الاستلام والتحميل بدقة في المستودعات.

بل ستكون تلك الروبوتات آلات ذكية للتخطيط والتفكير، وقادرة على محاكاة الذكاء البشري بل والتفوق عليه من حيث السرعة والدقة والفعالية خاصة حينما يتعلق الأمر بتحليل البيانات.

تسخير التقنيات الذكية لتحقيق أفضل النتائج

لا تزال هناك شكوك حول إمكانية تزويد الآلات بإمكانيات أكثر ذكاءً. وقد نوّه عالم الكونيات والفيزياء الراحل ستيفن هوكينج بأن الآلات ستتفوق بنهاية المطاف على عمليات التفكير البشري بفضل تقنيات الذكاء الاصطناعي.

ومع ذلك، أظهرت دراسة أصدرتها جامعة ستانفورد عام 2014 عدم وجود أي دليلٍ ملموس حتى الآن بأن تقنيات الذكاء الاصطناعي ستشكّل "تهديداً وشيكاً" للبشرية، كما كان يخشى هوكينج.

وعليه فإنه لا مفر من الاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي لأن النمو المستقبلي لقطاع التجارة الإلكترونية سيرتكز على تلك التقنيات.

وسوف تواجه الشركات التي لا تُدرك هذه الحقيقة حالةً من الفوضى السيبرانية، وسيُكافح مدراءها لفهم سبب مغادرة العملاء بأعداد كبيرة إلى شركات أخرى بحثاً عن تجارب تسوق إلكترونية أكثر تخصيصاً وفعالية.

بالمقابل، ستتمكن الشركات القادرة على تسخير قوة "الأدمغة الفائقة" من العمل بطرقٍ أفضل من حيث الذكاء والكفاءة والتكلفة الاقتصادية. وبات من المألوف اليوم بأن تجارب التسوق الإلكتروني وتقنيات الذكاء الاصطناعي قد أصبحا مرادفان متلازمان يرتبط أحدهما بالآخر.