الصفحة الرئسية / المدوّنة / ما الذي يساعد السعودية على النهوض بقطاع خدماتها اللوجستية؟
05 Dec 2024

ما الذي يساعد السعودية على النهوض بقطاع خدماتها اللوجستية؟

كيف تنجح المملكة العربية السعودية في تحقيق أهدافها اللوجستية

بعد ثماني سنوات فقط من إطلاق المملكة العربية السعودية لخطتها طويلة الأمد "رؤية السعودية 2030" من أجل تنمية الاقتصاد، برزت المملكة كقوة عالمية في مجال الخدمات اللوجستية، ومركز رئيسي للتجارة الدولية.

وبفضل موقعها الجغرافي الإستراتيجي، وسياستها الاقتصادية الهادفة، واستثماراتها الضخمة في البنية التحتية؛ نجحت المملكة العربية السعودية في تحويل قطاع الخدمات اللوجستية إلى عامل ديناميكي للنمو الاقتصادي.

عندما أُطلقت "رؤية السعودية 2030" في عام 2016، كان حجم سوق الخدمات اللوجستية متواضعاً بعض الشيء، ما يقارب 19 مليار دولار أمريكي. بالنظر إلى الأرقام اليوم، نجد أن هذا السوق قد حقق إيرادات بلغت 136.3 مليار دولار أمريكي في عام 2024، ومن المتوقع أن يصل إلى حوالي 198.9 مليار دولار بحلول عام 2030.

أدى هذا النمو السريع إلى رفع ترتيب المملكة السعودية في مؤشر الأداء اللوجستي الصادر عن البنك الدولي (LPI) من المرتبة 55 عام 2018 إلى المرتبة 38 عام 2023 من بين 139 دولة، وهو ما يؤكد مدى جودة الخدمات اللوجستية ومنظومة النقل والتجارة فيها. فما الإستراتيجيات التي تتبعها المملكة العربية السعودية لإنجاح هذه الخطة، وكيف يمكن لبقية البلدان في المنطقة الاستفادة منها؟

1. الرؤية الإستراتيجية وهيكل السياسة العامة

تمنح "رؤية المملكة السعودية 2030" الأولوية لتطوير البنية التحتية والإصلاحات التنظيمية وتكامل التكنولوجيا؛ من أجل تشكيل قوة لوجستية ضخمة.

كما أن المبادرات الرئيسية، مثل برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية (NIDLP)، تركّز على تحسين شبكات النقل، وتسهيل التجارة، وتعزيز الخدمات اللوجستية. هكذا نجحت المملكة العربية السعودية في تكوين هيكل عمل مستقبليٍّ متماسك، وذلك من خلال تحديد أهداف واضحة، وتخصيص موارد ضخمة، وإشراك الجهات المعنية من القطاع الخاص بشكل فعّال.

هذا التوحيد لجهود القطاعين العام والخاص معاً يضمن أن يكون نمو قطاع الخدمات اللوجستية في البلاد سريعاً ومستداماً ومواكباً للاتجاهات العالمية المتغيرة.

أحد أهم عناصر برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية (NIDLP) هو الالتزام بالاستثمار الضخم في حلول الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح؛ بهدف تحقيق مستقبل نظيف منخفض الكربون.

2. الاستغلال الصحيح للميزة الجغرافية

استطاعت المملكة العربية السعودية الاستفادة من موقعها الإستراتيجي كملتقى طرق بين القارات الثلاثة، آسيا وإفريقيا وأوروبا. هذا ما جعلها مركز اهتمام عالمي كبير وبوابة طبيعية للتجارة، إذ تعد موانئها على البحر الأحمر والخليج العربي نقطة محورية لتسهيل حركة البضائع عبر هذه المناطق.

ولتعزيز الاتصال أكثر؛ استثمرت المملكة العربية السعودية بشكلٍ ضخم في زيادة سعة الموانئ، وتحديث أنظمة الجمارك، وإقامة مناطق حرة قرب مراكز الخدمات اللوجستية الرئيسية. على سبيل المثال، خضع كلٌّ من ميناء الملك عبد الله وميناء جدّة الإسلامي لتطورات وتحديثات كبيرة، مما مكّنهما من التعامل مع شحنات ضخمة وتخفيف أوقات إنجاز الأعمال. كما أعلنت المملكة في نوفمبر عام 2024 عن خططها لتوسيع شبكة السكك الحديدية من 5500 كم حتى 8000 كم، مما يسهم في تعزيز شبكتها اللوجستية في جميع أنحاء البلاد.

في الوقت نفسه، تعد المناطق الحرة في المملكة العربية السعودية مراكز إستراتيجية من أجل نمو الأعمال والتجارة الدولية؛ إذ فتحت باباً واسعاً أمام الفرص الاقتصادية الضخمة التي توفّر حوافز مشجعة وجاذبة للاستثمارات المحلية والأجنبية، مثل الإعفاءات الضريبية، وتخفيض الرسوم الجمركية، وتسهيل عمليات تسجيل الأعمال والشركات.

اليوم، العديد من الشركات العالمية الضخمة والرائدة في مجال الخدمات اللوجستية تسعى للاستفادة من التحول الجذري الذي أحدثته رؤية 2030، حيث عمل بعضها على توسيع وجودها وعملها بشكل كبير في المملكة السعودية. مثال على ذلك شركة Agility المتخصصة بتقديم خدمات سلسلة الإمداد والبنية التحتية واللوجستيات، إضافةً إلى ذراعها الابتكاري شركة Shipa Delivery.

3. الشراكات الناجحة بين القطاعين العام والخاص من المنظور السعودي

النقطة الأساسية التي ساعدت على نجاح السعودية في مجال الخدمات اللوجستية هي مشاركتها الاستباقية مع القطاع الخاص. سهّلت الحكومة شراكة القطاعين العام والخاص (PPPs)؛ مما سمح للشركات الخاصة بالاستثمار في المشاريع الرئيسية للبنى التحتية مع ضمان الرقابة والدعم الحكوميين.

نائب رئيس هيئة مشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص، سلمان بدر، أعلن في مايو عام 2024 أن أكثر من 200 مشروع شراكة قيد التطوير في مراحل مختلفة، وأن 300 مشروع آخر قيد المراجعة. إضافةً لذلك، تُقدّر قيمة المشاريع المُعتمدة بأكثر من 50 مليار دولار أمريكي؛ وهو ما جعل المملكة العربية السعودية المحرك الرئيسي لمشاريع شراكة القطاع العام والخاص PPPs في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

4. الاهتمام بالتكنولوجيا والابتكار

تعمل المملكة العربية السعودية على الاستفادة من مزايا التكنولوجيا المتطورة في تسهيل عملياتها اللوجستية، وزيادة شفافية سلسلة الإمداد، والتقليل من التكاليف، إضافةً لتحسين تجربة العملاء. كما اعتمدت المملكة أيضاً على تقنية سلاسل الكتل (Blockchain) من أجل تسهيل عمليات التخليص الجمركي بشكل أسرع وأكثر أماناً. تُستخدم هذه التقنية في مختلف القطاعات الأخرى، مثل المالية والخدمات اللوجستية والحكومية، والرعاية الصحية.

تماشياً مع التوجهات العالمية؛ تسعى شركات الخدمات اللوجستية في السعودية إلى تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي (AI)، وإنترنت الأشياء (IoT)، وتحليل البيانات الضخمة؛ لتحسين عمليات إدارة المخزون والنقل والتنبؤ بالطلب.

هذا الاستثمار في اللوجستيات الذكية والتشجيع على استخدام الأدوات الرقمية في جميع مراحل سلسلة الإمداد، جعل المملكة العربية السعودية في طليعة التكنولوجيا اللوجستية على مستوى المنطقة.

5. البرامج المعنية بتنمية القوى العاملة وبناء المهارات

أدركت السعودية أهمية بناء قوى عاملة ذات مهارة عالية من أجل دعم برامجها التنموية والاجتماعية. وكجزء أساسي من رؤية 2030، تسعى المملكة إلى تمكين شبابها عبر إطلاق برامج تدريبية متخصصة، ودعم التعليم المهني، وإقامة شراكات مع مؤسسات دولية؛ كل ذلك بغرض تزويدهم بالمهارات اللازمة لتلبية التجارة والصناعة الحديثة.

في الواقع، تهدف بعض المبادرات، مثل الأكاديمية السعودية اللوجستية، إلى تعزيز الكفاءات المحلية، وتقليل الاعتماد على الخبرات الأجنبية في مجال اللوجستيات. هذا التركيز على تنمية رأس المال البشري يعكس جهوداً واسعة لتحسين الإنتاجية، ودعم الأهداف الاقتصادية والاجتماعية، مثل توفير فرص العمل.

6. الاستدامة والخدمات اللوجستية الخضراء في المملكة العربية السعودية

أدرجت المملكة العربية السعودية مفهوم الاستدامة في إستراتيجيتها اللوجستية عند إطلاقها مبادرة السعودية الخضراء (SGI) في عام 2021. حيث تعمل هذه المبادرة على تعزيز الجهود المبذولة في حماية البيئة والاستدامة، وذلك من أجل المساعدة في تقليل الانبعاثات، وزيادة التشجير، واستعادة الأراضي المتضررة.

أما في قطاع الخدمات اللوجستية، فقد أشارت المملكة إلى مساعيها في استكشاف حلول الطاقة المتجددة، مثل المستودعات التي تعمل بالطاقة الشمسية والمركبات الكهربائية. في الوقت نفسه تعمل على تحسين طرق النقل لديها، ودمج مصادر الطاقة المتجددة حيثما أمكنها ذلك.

لم تعد الخدمات اللوجستية خياراً أمام الدول، بل أصبحت ضرورةً من أجل الاستجابة لمطالب شركاء التجارة العالميين، والتي تتمثل بتطبيق ممارسات أكثر وعياً بالبيئة. إن المملكة العربية السعودية تُدرك ذلك تماماً، ولهذا جعلت الاستدامة ركيزةً أساسية في رؤية 2030، ومفهوماً محورياً يحقق هدفها في الوصول إلى صافي انبعاثات صفرية مع حلول عام 2060.

خارطة طريق للدول الأخرى في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

تمكّنت المملكة العربية السعودية من بناء منظومة لوجستية مزدهرة، وذلك عبر اعتمادها لرؤية إستراتيجية واضحة، والاستفادة من مزاياها الجغرافية، وتعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص، إضافةً إلى استثمار المملكة في التكنولوجيا، وتركيزها على تنمية القوى العاملة، وإعطاء الأولوية للاستدامة.

إن نجاح المملكة العربية السعودية في تعزيز قطاعها اللوجستي، يفتح الطريق أمام الدول الأخرى التي تسعى إلى زيادة تنافسيتها في مجال التجارة العالمية، وتحديداً دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. هكذا تتمكن الدول التي تتبع إستراتيجيات السعودية من تعزيز مكانتها كمراكز لوجستية إقليمية تجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية الكبيرة، وتدفع عجلة نموها الاقتصادي.

اكتشف كيف يمكن لعمليات Shipa Delivery اللوجستية في السعودية أن تساهم في توسيع نطاق تجارتك عبر الحدود الدولية والإقليمية. لا تترد في التواصل مع فريقنا، فهو موجودٌ دائماً لدعمك ومساعدتك.